الإسلام خير الأديان نظافة وآدابا، ولم يترك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأتباعه أمرا إلا بينه لهم، حتى آداب قضاء الحاجة وما يتعلق بها من التباعد عن النجاسات ونحو ذلك إذا ضعفت العقيدة في القلوب ضعف العمل، فإذا رأيت الذي يكون ضعيفا في عباداته، في صلواته وزكواته وما إلى ذلك، فاعلم أن ذلك لضعف في عقيدته بالأساس.فالعقيدة حقيقة إذا امتلأ بها القلب ظهرت آثارها على الجواربالوقوف قائما أو عدم الاستظلال أو بترك الكلام فهذا ليس فيه طاعة الدين الذي في ذمة من هو قادر على الوفاء يزكى؛ لأنه بمنزلة الأمانة عنده، ويقدر صاحبه أن يأخذه ويتحصل عليه متى طلبه، وأما الدين الذي عند معسر أو مماطل ولو كان غنيا، فإن صاحبه لا يقدر على الحصول عليه، ولو طالبه قد يدعي الإعسار والفقر، فمثل هذا المال كالمعدوم، فلا زكاة عليه إلا إذا قبضه اشترط كثير من العلماء أن يكون التيمم بتراب له غبار يعلق باليد، ومنعوا التيمم بالرمل ونحوه مما لا غبار له، وألزموا المسافر أن يحمل معه التراب إذا سافر في أرض رملية، ولعل الصحيح جواز التيمم بالرمل؛ لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا" متفق عليه. من كان مسافرا ولم يصل المغرب والعشاء فأدرك العشاء خلف إمام مقيم فالمختار أنه يصلي المغرب وحده، فإذا صلاها دخل معه في بقية العشاء، وذلك لاختلاف النية؛ فإن المغرب والعشاء متفاوتان بينهما فرق في عدد الركعات. هذا الذي نختاره. وأجاز بعض المشائخ أنه يدخل معهم بنية المغرب، فإذا صلوا ثلاثا فارقهم وتشهد لنفسه وسلم، ثم صلى العشاء، ولكل اجتهاده
الحج منافعه وآثاره
11635 مشاهدة
ثامنا: منافع يوم عرفة

لا شك أن أهم المناسك التي يؤديها الحجاج هو الوقوف في عرفات واجتماعهم كلهم هناك, في اليوم التاسع من ذي الحجة.
والوقوف بعرفة من أعظم المناسك, وهو الحج الأكبر, ومن فاته هذا اليوم فقد فاته الحج.
ولا شك أن الوقوف بعرفة فيه منافع كثيرة ومن هذه المنافع كون الحجاج يجتمعون كلهم في مكان واحد, بحيث لا يخرجون عن محيط وحدود عرفة
لا فرق بين عربيهم وأعجميهم! وبين قاصيهم ودانيهم! وذكرهم وأنثاهم! وصغيرهم وكبيرهم! وأميرهم ومأمورهم! مجتمعين في هذا المكان.
فلماذا هذا الاجتماع الكبير؟!
لأنهم عرفوا أن هذا الموقف -الذي هو موقف عرفة - هو موقف الحج الذي قال فيه النبي -صلى الله عليه وسلم- الحج عرفة والذي أخبر أن الشيطان يكون فيه صغيرا حقيرا, فقال : ما رئي الشيطان أصغر ولا أحقر ولا أدحر منه في يوم عرفة ؛ وذلك لما يرى من تنزل الرحمة, وتجاوز الله عن الذنوب العظام, حيث إن الله سبحانه وتعالى يطلع على عباده في ذلك الموقف, وكلهم قد كشفوا رءوسهم, وقد رفعوا أيديهم متضرعين إلى الله, يدعونه بخشوع وخضوع وتواضع, فيباهي بهم الملائكة, ويقول: انظروا إلى عبادي أتوني شعثا غبرا ضاحين من كل فج عميق؛ يسألون حوائجهم، أشهدكم أني قد غفرت لهم ووهبت مسيئهم لمحسنهم، انصرفوا مغفورا لكم .
لا شك أن هذا يدل على عظمة هذا الموقف الذي يُظهر فيه المسلم الاستكانة والتواضع والتذلل لله, يظهر فيه الفقر والفاقة, ويظهر فيه المسكنة, والحاجة الشديدة إلى ربه, وأنه فقير إلى ربه في كل حالاته, لا غنى له عن ربه طرفة عين, فمتى كان الحجاج على مثل هذه الحالة رحمهم الله تعالى وتقبل حجهم.
ولكن من المؤسف أن الكثير لا يتصفون بصفة العبودية, ولا يتصفون بصفة الذل والخضوع، ولا بصفة الخشوع والتواضع, ولا رفع أكف الضراعة, إلا ما شاء الله ولا نقنط من رحمة الله.
يقف الحجاج في هذا اليوم يقدِّمون صلاة العصر مع صلاة الظهر، يجمعونها جمع تقديم ليطول وقوفهم؛ ليقفوا داعين ربهم خمس ساعات أو ست ساعات متواصلة, لا يفصلها شيء, كل ذلك دعاء. هكذا فعل نبيهم -صلى الله عليه وسلم- وقف من حين انتهى من خطبته وصلاته, وقف بعرفة على بعيره, واستمر واقفا وهو يدعو رافعا يديه يدعو ربه, ولما سقط خطام ناقته منه، وكان ممسكا به، تناوله بيده اليسرى وبقيت يده اليمنى مرفوعة حتى أخذ الخطام ثم رفع يديه, كل ذلك دليل على أنه أكد عبوديته إلى ربه في هذا الرفع.
ولا شك أن المنفعة في ذلك هي الذل والخضوع لله سبحانه وتعالى.